غزواني: توسع بؤر التوتر جعل الوضع الأمني في العالم بالغ الخطورة
قال الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إن الوضع الأمني للعالم بات بالغ الخطورة "بفعل توسع بؤر التوتر والنزاعالمسلح والاضطرابات الاجتماعية والانتشار المتنامي للتطرف والإرهاب والجريمة المنظمة"وأضاف الرئيس غزواني، خلالالدورة الثامنة للحوارات المتوسطية بروما، أن الوضع الأمني يزداد حساسية نظرا لكون بعض بؤر التوتر والنزاع المسلحالقائمة اليوم "تنطوي لو خرجت عن السيطرة على مزيد من الخطر".
وأكد ولد الشيخ الغزواني أن "الوضع الأمني الخطير بحكم ما ينشأ عنه من إرباك لسلاسل الإمداد والتموين وارتفاعمذهل في أسعار الطاقة والمواد الغذائية وتاليا من تضخم وركود اقتصادي وتدهور في القدرة الشرائية للمواطنين له بالغالأثر على مختلف جوانب الحياة، خاصة أن العالم لم يتعاف بعد كليا من الانعكاسات الكارثية بكل المقاييس لجائحةكورونا".
وفي ما يلي نص خطاب الرئيس غزواني:
"صاحب الفخامة السيد سيرجيو ماتاريلا، رئيس جمهورية إيطاليا،
أصحاب الفخامة والمعالي،
أيها السادة والسيدات،
يطيب لي أولا أن أتقدم بجزيل الشكر إلى سيرجيو ماتاريلا، رئيس جمهورية إيطاليا، على تنظيم الدورة الثامنة منالحوارات المتوسطية، شاكرا له دعوته الكريمة، ومشيدا بما تميز به تنظيم هذه الدورة من دقة وإحكام وإنني لأقدر عالياالدور الريادي للحوارات المتوسطية هذه، والتي ما فتئت ترسخ نسخة بعد أخرى موقعها المتميز كإطار للتشاور حولكبريات القضايا الأمنية والتنموية التي توحد مصير الشعوب على ضفتي البحر الأبيض المتوسط.
صحيح أن بلادنا الجمهورية الإسلامية الموريتانية ليست مطلة بشكل مباشر على ضفاف المتوسط، لكنها تبقى بوابتهالأولى على دول الساحل وإفريقيا جنوب الصحراء.
أيها السادة والسيدات،
إن الوضع الأمني لعالمنا اليوم بالغ الخطورة بفعل توسع بؤر التوتر والنزاع المسلح والاضطرابات الاجتماعية والانتشارالمتنامي للتطرف والإرهاب والجريمة المنظمة، ويزيده حساسية كون بعض بؤر التوتر والنزاع المسلح القائمة اليومتنطوي لو خرجت عن السيطرة على مزيد من الخطر، وهذا الوضع الأمني الخطير بحكم ما ينشأ عنه من إرباك لسلاسلالإمداد والتموين وارتفاع مذهل في أسعار الطاقة والمواد الغذائية وتاليا من تضخم وركود اقتصادي وتدهور في القدرةالشرائية للمواطنين له بالغ الأثر على مختلف جوانب الحياة، خاصة أن العالم لم يتعاف بعد كليا من الانعكاساتالكارثية بكل المقاييس لجائحة كوفيد– 19.
ويلخص شعار هذه النسخة الثامنة من الحوارات المتوسطية “الأمن والتنمية” المحورين الأساسيين اللذين تتوزع حولهاأبرز التحديات التي تحدد مصير شعوب هذه المنطقة، بل والعالم بأسره، فالأمن والتنمية مرتبطان على نحو وثيق، فلانمو ولا نماء ولا تنمية شاملة إلا في كنف أمن راسخ وسلام مستدام.
وتأسيسا على ذلك فقد تبنّينا في الجمهورية الإسلامية الموريتانية استراتيجية متكاملة مندمجة في مقاربتنا للتحدياتالأمنية، وهي تتركز في الأساس على المحاور التالية:
– تحديث وتقوية جيشنا وقوات أمننا، وقد انصبت جهودنا في هذا الإطار على التكوين والتدريب والرفع من مستوىالقدرات العملياتية لقوات الجيش والأمن، وتعزيز شبكات المخابرات وإعادة تنظيم المنظومة الأمنية وإنشاء وحداتخاصة، وكذلك على التنسيق النشط مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
– تعزيز الترسانة القانونية للتقاضي فيما يخص العمل الإرهابي من تسريع إجراءات المعاملة الجنائية للجرائم ذاتالصلة.
– تجفيف مصادر تمويل النشاط الإرهابي عبر المراقبة الدقيقة لتدفق المال وتنظيم إجراءات الصرف وحركة الأموال وترصدالمنظمات غير الحكومية الوهمية.
– مكافحة الهجرة غير الشرعية التي تشكل تحديا لا لموريتانيا بصفتها دولة عبور فحسب، بل تشكل كذلك معضلةحقيقية للدول المستقبلة للمهاجرين. وقد تبنينا في هذا الإطار سلسلة من الإجراءات الحازمة ووضعنا ترسانة قانونيةناجعة للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين ومنع المتاجرة بالأشخاص وغيرها من الممارسات والجرائم العابرة للحدود،هذا بالتزامن مع بذل جهود جبارة في سبيل تقوية اللحمة الاجتماعية ومكافحة الفقر والغبن والهشاشة والإقصاءوترسيخ الحكامة الرشيدة والحريات الفردية والجماعية.
ولم تقتصر استراتيجيتنا على البعد العسكري والتنموي فحسب، بل شملت كذلك بعدا فكريا هو محور أساس في بنيتهاالعامة، إذ التطرف في الأفكار هو غالبا منشأ العنف في الأفعال، فالفكر المتطرف هو ما يتحول في البيئة المواتية إلىعنف إرهابي فعلي هادم وفتاك، ولذا عملنا على ترقية العقول من بذور التطرف الفكري بإشاعة ثقافة السلام والمحبةوبنشر قيم الدين الإسلامي الحنيف من تسامح ووساطة وإخاء. كما حرصنا كذلك على تصحيح الانحرافات الفكريةوالعقدية قناعة منا بأن الانتصار على العنف والإرهاب لن يكون مستداما إلا إذا كان انتصارا فكريا بقدر ما هو انتصارأمني، ولذا نظم علماؤنا حوارات متعددة مع من غرّر بهم من شبابنا وأعادوا الكثير منهم إلى جادة الصواب، وقد تلقىهؤلاء كل الدعم والمساندة لتمكينهم من الاندماج مجددا في الحياة الاجتماعية الطبيعية، هذا علاوة على تنظيم المؤتمرالإفريقي للسلام سنويا بالتعاون مع منتدى أبوظبي للسلم.
وخلاصة القول أن الأمن لم يعد في أيامنا هذه محصورا في مجرد الدفاع عن الحوزة الترابية، بل صار يشمل صوناللحمة الاجتماعية وأمن الأفراد والمجموعات في وجه التطرف والإرهاب، وكذلك نشر قيم التسامح والانفتاح والعدل التيهي في الأصل كنه الأديان السماوية وجوهرها. كما أن الأمن بحكم عمق الترابط والتأثير المتبادل بين مختلف الدول لميعد كذلك أمرا تسيره كل دولة بمنعزل تام عن الآخرين بل صار شأنا جماعيا دوليا، ولن يتأتى سلام دائم إلا في ظل أمنالجميع وفي كنف تنمية شاملة مستديمة.
أصحاب الفخامة والمعالي،
أيها السادة والسيدات،
إن الحوارات المتوسطية نموذج للانفتاح وتقبل الآخر والحوار لتعزيز العمل الجماعي في سبيل رفع التحديات المشتركة،وإنني إذ أجدد التعبير عن سروري وارتياحي للمشاركة في هذه النسخة الثامنة من هذه الحوارات المتوسطية لعلى يقينمن أنها ستسهم إيجابا في تعزيز قدرتنا الجماعية على ترقية التكامل الاقتصادي فيما بيننا، وتفعيل كل المساراتوالاتفاقيات التي من شأنها تحفيز الاستثمارات وتطوير الشراكة لنبني معا منطقة تتطور فيها التنمية الشاملةوالمستديمة في كنف أمن راسخ وسلام مستديم.
ليست هناك تعليقات